عُمومًا، تنظُر الجهات المدنية إلى القوّات المسلّحة بشكلٍ إيجابي للغاية، فتثق بها كمؤسسة وطنية غير مُسيَّسة تعتبر الوظيفة العسكرية مرغوبة. وتعترف القوّات المسلّحة بدورها بالسيطرة المدنية على قطاع الدفاع وتُشجّعُ النظرة الإيجابية تجاه المدنيين، وتسعى إلى سياسات تُعزّز من تمثيل العسكريون للمجتمع عامةً على نطاق واسع. وتعتبر القوّات المسلّحة الأنشطة التنموية العسكرية المدنية جُزءًا صغيرًا من مُهمتّها، وتُنسّق مع السلطات المدنية بانتظامٍ، ولكن ليس لديها عقيدة أو وحدات مُخصّصة للتعاون العسكري المدني.
ينتسب عدد محدودُ جدًّا من التونسيين بالمؤسسة العسكرية، ويُمكن تجنُّب الخدمة العسكرية الالزامية من خلال دفع بدل إعفاء، مما يُلقي بعبئها على ذوي الدخل المُنخفض ويقلّل من تمثيل المؤسسة العسكرية لكافة فئات المجتمع. ومع ذلك، فإن الخدمة في القوّات المسلّحة تكسر الحواجز الاجتماعية، وتلعب دورًا هامًّا في الجمع بين المواطنين من المناطق الداخلية والجنوبية الفقيرة مع أولئك القادمين من الساحل، الأكثر تطوّرًا اقتصاديًا.
وتثق الغالبية العُظمى من التونسيين في المؤسسة العسكرية، ويرجع ذلك، جُزئيًا، إلى الاعتقاد بأنها انحازت إلى المُتظاهرين في عام 2011. ولا يُنظرُ إلى القوّات المسلّحة على أنها تُمثّل أو تعمل لصالح أية فئة اجتماعية مُحدّدة أو ضدها، سواء كانت شريحة طبقية أو طائفية أو عرقية أو عشائرية أو جهوية. كما يسود الاعتقاد أنه يمكن الاعتماد على القوّات المسلّحة لتكون غير مسيَّسة، وبأنها تُعطي الأولوية للاحترافية في الدفاع عن الدولة، فوق الولاء للنظام السياسي القائم، وبأنها تدعم الشعب والديمقراطية. هذا، وتتأثر نظرة المدنيين إلى القوّات المسلّحة بشكل إيجابي بفضل دورها في مكافحة الإرهاب وفي مهام الأمم المتحدة لحفظ السلام وفي الاستجابة للكوارث الطبيعية.
إن الوظيفة العسكرية في رُتبة ضابطٍ مرغوبة بسبب المكانة الاجتماعية والعائد المادي المضمون الذي توَّفره، فيما يُعدّ التعاقد كمنتسب عسكري أمرٌ مرغوبٌ في المناطق الداخلية والجنوبية المُهمّشة اقتصاديًّا خاصةً. وقد ازدادت الرغبة في الوظيفة العسكرية منذ عام 2011 عُمومًا. إن مُناقشة شؤون الدفاع في صفوف المدنيين وفي وسائل الإعلام أصبحت أكثر انفتاحًا منذ عام 2011، لكنها تبقى محدودةٌ عمليًّا. وقد حُوكم بعض المدنيين أمام المحاكم العسكرية بتُهمِ التشهير بالقوّات المسلّحة أو إهانتها.
تعترفُ القوّات المسلّحة بالسيطرة المدنية، ويُرسّخُ نظام التعليم العسكري النظرة الإيجابية تجاه المدنيين واحترامهم. وبالرغم من ذلك، قد دعا بعضُ العسكريين إلى أن يتقلّد ضابط مُتقاعد منصب وزيرٍ للدفاع. وتسعى القوّات المسلّحة، بشكلٍ مُتزايدٍ، إلى المُشاركة في صياغة سياسة الدفاع، لكنها تُدرك أن المصالح الوطنية مُتعدّدة الأوجه وأن السُلطات المدنية يجب أن تلعب الدور الرئيس في تحديدها.
ولا يوجد أي دليلٌ، أو يكاد، على عدم ثقة المؤسسة العسكرية بالسُلطات المدنية. وتشير الطبيعة المؤسساتية للسيطرة المدنية إلى اقتناع المؤسسة العسكرية بكفاءة السُلطات المدنية. ترى المؤسسة العسكرية أنها مُمثّلةٌ للوطن ككُلٍّ، ولكن هناك بعض المُؤشرات على وجود تكتلات طائفية (بمعنى العلمانية مقابل الإسلامية) وعشائرية (الساحل مُقابل الداخل)، إلا أن ليس لذلك تأثير على المؤسسة ككلّ.
وتُعزّزُ القوّات المسلّحة التمثيلَ الاجتماعي الأوسع في صفوفها، من خلال ترقية الضباط من المناطق الداخلية، التي لم تأخذ حقها في التمثيل تاريخيًّا، إلى المراتب العُليا، وأيضًا عن طريق رفع الحظر السابق على قبول أفراد العائلات المُوالية لـحركة النهضة في الكليات العسكرية. يقبل العسكريون عمومًا المساواة مع نظرائهم المدنيين على مُستوى ظُروف الخدمة والتقاعد، على الرغم من الإعراب أحيانًا عن الإحباط حيال تدنيّ الرواتب والمعاشات التقاعُدية. وتجري الهيئات الربحية استطلاعات الرأي لتقييم صورة المؤسسة العسكرية بين المواطنين، ولكن ذلك لا يتم بتعاقد من القوّات المسلّحة، وهي لا تقوم بالاستبيانات لتقييم صورتها أو لتحسينها لدى المواطنين.
ترى القوّات المسلّحة الأنشطة التنموية العسكرية المدنية جُزءًا لا يتجزّأُ من مُهمّتها، وإن كان ذلك جزءًا ضئيلًا. فتقوم بمشاريع استصلاح الأراضي وتُقدّم الدعم للسكان في حالة الكوارث الطبيعية. كما يتمُّ تعزيز تأييد وثقة المدنيين من خلال دور القوّات المسلّحة في توفير الدعم اللوجستي أثناء الانتخابات الوطنية وتوزيع امتحانات المدارس الثانوية وتوفير الرعاية الطبية وجمع ونقل وتخزين المحاصيل الزراعية في موسم الحصاد.
ولم تُطوّر المؤسسة العسكرية عقيدةً للتعاون العسكري المدني خاصّة بها، ولكنها استضافت برامج تدريب ذات صلة مقدمة من قبل شُركاء أجانب، وتستخدمُ مبدأ التعاون العسكري المدني للأمم المتّحدة حين تُشارك في مهام حفظِ السلام. لا تمتلكُ القوّات المسلّحة وحداتَ مُخصّصة للتعاونٍ العسكري المدني، ولكنها تشكِّل فِرقُ التنسيق الميدانية وتضع الإجراءاتٌ للتعاملِ مع الشركاء المدنيين حسب خُصوصية كُلّ عملية.
وتُدرّس الشؤون المدنية، عُمومًا، كجُزءٍ من تدريبات مهام حفظ السلام، التي يُشارك فيها معظم الضباط في مرحلة ما من حياتهم المهنية. وتتشاور القوّات المسلّحة بشكل روتيني مع وزارة الفلاحة والموارد المائية والصّيد البحري حول استصلاح الأراضي العسكرية والمشاريع الزراعية، وتُنظّم اجتماعاتٍ تنسيقيّةٍ مع السُلطات المدنية الجهوية والمركزية عند مُجابهةً الكوارث الطبيعية. ولا تقوم القوّات المسلّحة باستبيانات حول نظرة المواطنين تجاه الأنشطة العسكرية المدنية، لكنها تُجري باستمرارٍ التقييمات الداخلية أثناء العملياتِ وبَعدها.
س1 - النظرة المدنية
|
س2 - النظرة العسكرية
|
س3 - التعاون العسكري المدني
|