تونس
2020
الحوكمة

تتمتّع السُلطات المدنية، بما في ذلك رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، بسُلطةٍ دُستوريةٍ واضحةٍ لتحديد مهام القوّات المسلّحة التونسية (التسمية الرسمية) وانتِشارها، ولكن يتمتع كبارُ المسؤولين العسكريين بتأثيرٍ كبيرٍ على هذه القرارات. وتُحافظ القوّات المسلّحة جاهدةً على حيادِها السياسي، وهي مُلتزمة بالدفاع عن الدولة، وليس عن النظام السياسي القائم. وتلعبُ المؤسسة العسكرية دورًا محدودًا جدًّا في الحفاظ على النظام العام، وحين تقوم بهذا الدور يكون مُنظّمًا قانونيًا ويُنفّذُ بفعاليةٍ.    

4.39
كفاءة عالية
 
 
س1. من له سلطة تحديد مهام القوّات المسلّحة واتّخاذ قرار انتشارها العملياتي؟

إن الأحكام الدستورية والقانونية التي تضبط مسؤوليات وصلاحيات السلطات المدنية والقوّات المسلّحة واضحةٌ عموما، ولكن التمييز بين دور رئيس الجمهورية في وضع السياسات العامة وبين الدور الإداري اليومي لرئيس الوزراء لم يتم تحديده بالكامل. وبمُوجب كلٍّ من الدستور والمراسيم القانونية، تخضع المؤسسة العسكرية بالكامل للسُلطة المدنية، ولا يحقّ لها تجاوز السُلطات المدنية في أي مجالٍ.

 

لقد لعب مجلس الأمن القومي دورًا مهمًا في تحديد السياسة الدفاعية منذ عام 2011. لا يبدو أن للمجلس دورٌ متعلّقٌ بميزانية الدفاع، كما أن افتقاره إلى العاملين يحدّ من المعرفة المؤسساتية. لكن المجلس يتمتّع بمثيل حكومي واسعِ على مُستوى المسؤولين الرئيسين. وكثيرًا ما تُعزّز المُشاورات غير الرسمية العلاقات العسكرية المدنية السليمة وتُيسّر الحصول على محصلات دفاعية مُفيدة على المُستويَيْن الوطني والجهوي، ولكن الاعتماد المُفرط على مثل هذه التفاعلات غير الرسمية يُهدّد بتقويض قنوات الاتصال الرسمية مع مرور الوقت.


      

ومن المُرجّح جدًّا أن تخضع القوّات المسلّحة لسُلطةِ وزير دفاعٍ مدنيٍّ، ولم يُعرض هذا المنصب أبدًا على فردٍ ذو خلفية عسكرية. ويُشارك وزير الدفاع في الإشراف على المؤسسة العسكرية مع رئيس الجمهورية ومجلس نواب الشعب، وله سُلطةٌ مُعتدلةٌ على المؤسسة العسكرية في الأمور غير العملياتية كالتخطيطِ والمقتنيات وإعداد الموازنة والتنسيب. ولكن افتقار وزراء الدفاع المُتعاقبين إلى الخبرة العسكرية يدفع رؤساء أركان الجيوش للعب دورٍ هامٍّ في تشكيل هذه القرارات.

 

وتعملُ المؤسسة العسكرية، عُمومًا، وفق القوانين والقواعد واللوائح نفسها المعمول بها في بقيّة القطاع العام والتي تحكُم العاملين والعقود والامتثال والمُراجعة. ولكن يبدو أن هناك رقابة أقلّ على بعض مشاريع استصلاح الأراضي والزراعة وبناء السفن التي تقوم بها المؤسسة العسكرية. وباستثناء المعلومات العسكرية السرية، يُسمَحُ بالمُناقشة العلنية لشؤون الدفاع. كما يُمكن استجواب وزيرِ الدفاع وكبار الضبّاط العسكريين من قبل مجلس نواب الشعب ومُنظّمات المُجتمع المدني ووسائلِ الإعلامِ، ويساهم خُبراء الدفاعِ بآرائهم بانتظام. وقد أحالت المؤسسة العسكرية البعض إلى المحاكم العسكرية بتهمة التشهير، ممّا خنق المُناقشة العلنية إلى حدٍّ ما. إن إطارًا قانونيًا واضحًا يُنظّمُ شؤون جميع القوّات المسلّحة التابعة للدولة، علمًا أن الحرس الوطني والإدارة العامة لأمن رئيس الجمهورية يخضعانِ لوزارة الداخلية ولرئاسة الجمهورية تِباعًا، ولا ينتميانِ إلى تسلسل القيادة العسكرية.



اقرأ المزيد في الموجز القطري لتونس
4.54
كفاءة عالية
 
 
 
س2. ما هو الدور الذي تلعبه القوّات المسلّحة في تنظيم وتسيير السُلطة السياسيّة؟

تُحافِظُ القوّات المسلّحة بثبات على حِيادهَا السياسي، وتعتبر أن واجبها يتمثّل عامةً في حماية الدولة وليس النظام السياسي أو الحكومة القائميْن. ومع ذلك، وردت تقاريرُ متفرقة تشير إلى استخدام القوّات المسلّحة تكتيكات مُتشدّدة في السيطرة على احتجاجات عام 2017. ومع أن الهُويّات العشائرية والجهوية والإسلامية غير مُسيّسةً بشكل كبير، فإنها قد أثّرت أحيانًا في الماضي على التعيينات في المراتب العسكرية العُليا. ولكن توصي المؤسسة العسكرية، بشكلٍ مُتزايدٍ، على اعتماد المعايير الاحترافية الصارمة في التعيينات، وعادة ما تقبل الحكومة بذلك. وتستمر انقسامات محدودة للغاية على أساس الهُويّات الجهوية والعشائرية منذ عام 2011، لكنها لا تُؤثّر على القيادة والسيطرة أو تماسك المؤسسة العسكرية.

 

يُمثّل وزيرُ الدفاع على الدوام إرادة الحكومة للقوّات المسلّحة وليس العكس، لكن افتقار الوزير تاريخيًّا إلى الخلفية العسكرية يمنحُ كبارَ المسؤولينَ العسكريينَ نُفوذًا واسعًا. ومنذ عام 2011، خاض عدد متزايد من العسكريين المُتقاعدين الانتخاباتٍ البلدية والنيابية، لكنهم لا يُمارسون نفوذًا أكبر من حجمهم في الشؤون العامة. وبناءً على طلب كُلّ من السلطات المدنية والقوّات المسلّحة، تندر استشارة المؤسسة العسكرية في الشؤون غيرِ الدفاعية. كما وأُلغِيتْ العُضويّةُ الدائمةُ للمُمثّلين العسكريين في مجلس الأمن القومي في عام 2017، بقصد اقتصار مداخلاتهم على شؤون الدفاع فقط.

     

ويتمتّعُ العسكريون وهم في الخدمة بالعديد من الحقوق المدنية التي يتمتّع بها المدنيون ويُسمح لهم بالتصويت في الانتخابات المحلية، لكنهم ممنوعون من التصويت في الانتخابات الوطنية أو الانضمام إلى الأحزاب السياسية أو تشكيل النقابات، ومن السفر إلى الخارج أو النشر دون تصريحٍ من وزارة الدفاع. ولا تؤثر الحكومات الأجنبية سياسيًا على  القوّات المسلّحة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، لكن مُقدمِّي برامج تبادل التعليم العسكري والتدريب المُشترك ومُورّدي المُعدّات لهم تأثيرٌ محدودٌ وغير مباشرٍ على سلك الضباط، بما لا يتعارضُ مع السيادة التونسية أو سياسة الحكومة.



اقرأ المزيد في الموجز القطري لتونس
4.11
كفاءة معتدلة
 
 
 
س3. ما أهميّة الدور الذي تلعبُه القوّات المسلّحة في الحفاظ على النظام العام؟

لا تضطلعُ المؤسسة العسكرية بدورِ رئيسٍ في الحفاظ على النظام العام إلاّ في الظُروف الاستثنائية، ولا تقوم بذلك إلاّ بتردّد كبيرٍ، خوفًا من أن يُؤدّي طلب إطلاق النار على المُتظاهرين إلى كسر وحدة الصفّ بين الجنود. ومنذ إنشائها في عام 1954، شاركت  القوّات المسلّحة في الحفاظ على النظام العام فقط في الأعوام 1978 و1984 و1992 و2011.

 

كما توجدُ آليّات تنسيق رسمية بين الأجهزة العسكرية والأمنية المدنية في عمليات مُكافحة التمرّد في غرب تونس، ولكن لا يزال إرث التوتّرات المؤسساتية بين الشرطة الوطنية والمؤسسة العسكرية يمنع أحيانًا تبادل المعلومات الاستخباراتية والتعاون بينهما. إن أدوار وصلاحيات  القوّات المسلّحة وقُوّى الأمن الداخلي جليّةٌ ومُنفصلة فيما يتعلّق بالحفاظ على النظام العام.

 

ومنذُ تسعينيات القرن الماضي، طبّقت  القوّات المسلّحة بشكل مُتزايد مُدوّنات سلوك وقواعد اشتباك صارمة وآليّات مُساءلة قابلة للتنفيذ خلال المهام المُتعلّقة بالحفاظ على النظام العام، بالإضافة إلى التُنسّيقُ مع الأجهزة الأمنية المدنية قبل المُشاركة في هذه المهام. وتمكّنت القوّات المسلّحة من أداء المهام المتعلّقة بالحفاظ على النظام العام دون أن يكون لذلك تأثيرٌ ملحوظٌ على دورها الدفاعي، نظرًا إلى نُدرة تلك المهام. كما أن شُروط مشاركة القوّات المسلّحة في هذه المهام مُحدّدة جيدًا في الدستور والقوانين والمراسيم الحكومية. ويُشرِفُ مجلس نواب الشعب على تطبيق الحكومة الصّارم لجميع التوجيهات المُرتبطة بهذه المهام، لكن المحاكمَ العسكرية هي من يستقصي الانتهاكات، بدلًا من المحاكم المدنية.



اقرأ المزيد في الموجز القطري لتونس
4.52
كفاءة عالية
 
 
الحوكمة
 
مستويات الكفاءة
س1 - أدوار محددة جيدًا
س2 - المشاركة السياسية
س3 - الدور في الحفاظ على النظام العام
 
 
آخر التغريدات


تواصل معنا